القماش
يتكوّن القماش من مَجموعةٍ من الخُيوط أو الألياف الطويلة والمَنسوجة معاً بشكلٍ متماسكٍ والتي تُكوّن شكلاً مُسطّحاً منتظماً، ويُمكن أن تكون تلك الخيوط أو الألياف مَصنوعةً من مُكوّناتٍ طبيعيّةٍ نباتيةٍ أو حيوانيةٍ، أو مكوّناتٍ صناعيّةٍ، وعادة ما تتمّ إضافة ملوّناتٍ ومواد كيميائيةٍ أخرى إلى النسيج قبل استخدامه كقماشٍ بصورته النهائية، وعادةً ما تدخل صناعة القماش مع صناعة الملابس والأثاث والمفروشات والخيم والمظلات وغيرها.
صناعة القماش
صناعة القِماش قديماً
تُعتبر صِناعة القماش إحدى أقدم الصناعات التي عرفتها البشرية، على الرّغم من أنها لا توجد أدلةٌ حقيقةٌ على وجود القماش في الأزمنة القديمة، فيُعتقد أنّ أقرب شكلٍ من القماش على الأرجح جاء على شكل جلود حيواناتٍ معالجةٍ، ولكن بسبب تكوينها والمصادر التي تتشكّل منها مثل البروتين الحيوانيّ فهي تميل إلى التفكّك مع مرور الوقت، ولذلك لا توجد أدلّةٌ مُستخرجةٌ من مواقع تنقيب الآثار على وجود قماشٍ قديمٍ، وأفضل المعلومات المتوفّرة لدينا حالياً عن تاريخ القماش تأتي من الأدوات المُكتشفة والمستخدمة في عمل القماش؛ ففي عام 1988ميلادي تمّ العثور على إبرٍ للخياطة مصنوعةٍ من العظام وذلك بالقرب من روسيا، وتعود هذه الإبر إلى حوالي 18.000 سنة قبل الميلاد، وكانت على الأرجح تُستخدم لخياطة جلود الحيوانات معاً لتَشكيل القماش الخام.
صناعة القماش حديثاً
تُصنّف المواد الخام التي يصنع منها القماش إلى مواد نباتيّة ومواد حيوانيّة ومواد صناعية، ومن أكثر تلك المواد شيوعاً:
- القطن: يأتي القُطن الطبيعيّ من نَبات القطن؛ حيث يتمّ حصاد النبات كاملاً إمّا يدوياً أو باستخدام آلاتٍ زراعيةٍ خاصّةٍ، ثمّ يرسل إلى أحد مصانع تجهيز القطن، حيث تُستخدم آلات تحتوي سلسلة من البكرات والتي تزيل البذور من النبات الكامل المحصود، وتتخلّص من أية شوائب أخرى عالقة مع النبات، ثمّ تجمع البذور معاً لتجهيزها لغزلها وعمل النسيج القطني المعروف.
- الكتان: يُستخدم نبات الكتان لعمل قماش الكتان المعروف؛ حيث تُسحب نباتات الكتّان كاملةً من الأرض لتحضيرها لاحقاً بإزالة البذور وتمشيطها لفصل الألياف الطّويلة استعداداً لإنتاج النسيج.
- الحرير: ينتج الحرير عن طَريق حَصاد شرنقة دودة القز، وأخذها إلى مصانعَ أو معاملَ خاصّة يتمّ فيها سحب الخيوط الرقيقة من الشرنقات، وتتمّ معالجتها عدّة مرات قبل نسجها معاً، وثمّ صبغها وتلوينها.
- الصوف: يجزّ من الخراف، ويُغسل ويُمشط ويُشذب حتى يسهل استخدامه والتعامل معه، ثمّ يُغزل ويُحوّل إلى خُيوطٍ صوفيةٍ إمّا يدوياً أو ميكانيكياً عن طريق آلةٍ خاصّةٍ للغزل، وتنتج من العملية النهائية حصيرةٌ مربّعة من الألياف والتي تستخدم لاحقاً في عمل ملابس ومنتجات صوفيةٍ أخرى.
- الرايون: هو قماش صناعيّ اخترع في أواخر القرن التاسع عشر، وهو مادةٌ بديلةٌ للحرير أرخص سعراً وأكثر توفراً منه، وهو مصنوعةٌ من السليلوز وهو المادةٍ السكريةٍ النشويةٍ المشتقةٌ من النباتات، وعن طريق آلةٍ تسمى (مغزال) وهي تشبه الدش، يحوّل السليلوز إلى سائل وثم إلى خيوطٍ متينةٍ، يتمّ فيما بعد تجميعها على شكل نسيجٍ.
- النايلون: النايلون أوّل الألياف الصناعية التي صنعها الإنسان، وهي تُصنع بذات الطريقة التي يصنع بها الحرير الصناعي، والمكوّنات التي تدخل في إنتاج النايلون ليست مستمدة من مصادر نباتية، حيث يصنع النايلون من الفحم ومنتجات المشتقات النفطية، بالإضافة إلى استخدام والماء والهواء في إنتاجها.
- البوليستر: تعدّ هذه المادة أفضل من النايلون والحرير الصناعي من حيث القوة والتنوع، وعادةً ما تدخل بعض مركبات الكحول وبعض المواد الكيميائية الأخرى في صنعها.
خطوات صناعة القماش
هناك ثلاث خطوات أساسية لازمة لإنتاج النسيج بغض النظر عن نوع المادة التي يصنع منها:
- تُحوّل المادة الخام المحصودة من ألياف خام إلى خيوط، وذلك عن طريق غزل الألياف يدوياً أو آلياً باستخدام عجلة كبيرة للغزل؛ حيث تُسحب الألياف عبر العجلة التي تدور، وتجمع الألياف على آلة أسطوانية تعمل عمل البكرة، وتحمل تلك البكرة ألياف النسج وتربطها معاً بخيط واحد طويل يُجمع في بكرات كبيرة.
- تُنسج الخيوط أو الألياف الفرديّة الطويلة إلى بعضها البعض لتكوين نسيج متماسك، وذلك باستخدام جهاز النول؛ وهو جهاز يتطلّب مجموعتين من الخيوط واحدة طولية وأخرى عرضية؛ بحيث تكون بزاوية قائمة، ويشد الجهاز الخيوط عبر إطار معدني كبير يرتبط بقضبان معدنية تُشبك بأطرافها الخيوط العرضية والطولية، ويتمّ التحكّم بالجهاز من حاسوب متصل به.
- يُزال النسيج من جهاز النول بعدها لتحضيره للخطوة التالية؛ حيث يُعالج بمواد كيميائية معيّنة ليبدو مثل صحائف بيضاء نقية مرنة وناعمة وتشبه بملمسها الملابس المعروفة، ويكون بذلك خالياً من الشوائب وجسيمات البذور وغير ذلك، ثم تتمّ معالجتها مرة أخرى للتخلص من أية زيوت أو شمع أو أية مواد أخرى تكون عادةً عالقةً بالألياف الطبيعية، وبعدها تلوّن المنسوجات وثمّ تُشحن إلى مصانع أخرى حتى تستخدم في عمل الملابس والأثاث وغير ذلك.
بخطوة إضافية اختياريّة يُمكن أن يُعالج القماش مرة أخيرة قبل استخدامه بهدف حماية اللون المضاف؛ فالملابس المصبوغة عادةً ما تفقد ألوانها مع الوقت أو مع التعرّض للماء والعوامل الأخرى؛ هذه الإضافات هي بمَثابة درعٍ واقٍ لصناعة النسيج، وهي طبقة فوق اللون لا تؤثّر عليه بل على العكس فهي تُضفي ما يُشبه إشراقةً بصريّةً تعكس الضوء عن القماش، ممّا يجعل الألوان تبدو أكثر إشراقاً ورونقاً، وبالتالي تجعله يحافظ على مظهره الجديد لمدة أطول.